القرار بقوة القانون ما بين أدوار الإنعقاد، والغياب الفعلي والقانوني للمجلس التشريعي دراسة مقارنة فلسطين .. مصر .. الأردن

Date
2023-08-12
Authors
مصطفى علي جميل مهنا
Mostafa Ali Jameel Mhana
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
Al-Quds University
Abstract
تنبع أهمية موضوع هذه الرسالة من خصوصية التجربة الفلسطينية وفرادتها اذا ما قورنت بالتجارب الأخرى، تلك الفرادة التي يمكن التعبير عنها بثلاثة أبعاد : 1- البعد الأول ويتجسد بتعدد المرجعيات الدستورية وتداخلها على نحو غير مسبوق ممثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف) كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده من جهة، ودولة فلسطين التي أخذت شرعيتها من الإعتراف الدولي بها كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، والسلطة الوطنية الفلسطينية التي تمخض عنها إتفاق أوسلو ما بين دولة الإحتلال وم.ت.ف وأصبحت لها مؤسساتها وسلطاتها الثلاث ومرجعيتها الدستورية وقانونها الأساسي . 2- تداخل مرحلتي التحرير والبناء، فقد أجبر الشعب الفلسطيني على الجمع ما بين هاتين المرحلتين، عبر الشروع ببناء مؤسسات كيانيته السياسية قبل أن تكتمل معركة التحرير ورحيل جنود الإحتلال عن ترابه الوطني، وبالتالي لم نعد ثورة كما كنا في السابق ولم نصبح بعد دولة حرة مستقلة بعد ،مما اضطرنا لحمل أعباء كليهما دون أن نمتلك مواردهما ومقوماتهما . 3- استمرار الإنقسام السياسي الذي حدث في المحافظات الجنوبية منذ 14/6/2007 وحتى تاريخه، مما أدى الى غياب السلطة التشريعية ومهامها الدستورية لستة عشر عام ونيف متتالية، الأمر الذي قاد بالنتيجة الى تعذر إجراء الإنتخابات وتعطل الحياة الديموقراطية في الإراضي الفلسطينية. هكذا، يبدو واضحا بأن هذه الخصوصية قد جعلت من غير المنطقي مقارنة التجربة الفلسطينية بغيرها، أو سحب نماذج جاهزة عليها، وبات من المهم التعاطي معها كحالة يؤخذ بها ولا يقاس عليها، كما يقال. وحيث أن وما لدينا لا يعدو كونه قانون أساسي وليس دستوراً وضع بما يتناسب ومتطلبات المرحلة الإنتقالية، كما أن الوثائق الدستورية الأخرى، كالميثاق الوطني الفلسطيني ووثيقة الإستقلال وضعت في عامي 1964 و 1988 ولا تتضمن أية أحكام أو معالجات لمتطلبات الواقع الراهن. في ظل تعقيدات الواقع الراهن كافة، وغياب مزمن للسلطة التشريعية، وقصور الوثائق والمرجعيات الدستورية عن الإستجابة للتحديات والإحتياجات الملحة، وفي سياق البحث المحموم عن شرعية سياسية ودستورية، لا نجد أمامنا سوى الرئيس. فهو رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من جهة، ورئيس دولة فلسطين من جهة ثانية، ورئيس منتخب للسلطة الوطنية من جهة ثالثة. صحيح أن دولة فلسطين التي يرأسها لم تصبح بعد عضوا في الأمم المتحدة، وصحيح أن مدة ولايته كرئيس منتخب للسلطة الوطنية قد إنتهت منذ زمن، إلا أنه ما زال رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهي المرجعية الدستورية الأسمى باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، خاصة وأن منظمة التحرير الفلسطينية هي التي وقعت إتفاقات أوسلو وأنشأت السلطة الوطنية الفلسطينية إثر ذلك، وقد يكون من المفيد التذكير في هذا السياق بما جاء في ديباجة القانون الأساسي " ... وفي الوقت نفسه، فإن وضع هذا القانون وإقراره من المجلس التشريعي، ينطلق من حقيقة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني " وهو بتلك الصفة ما زال يحتفظ بسلطاته الدستورية المنصوص عليها في القانون الأساسي، استنادا لقاعدة "من يملك الأكثر يملك الأقل ". لقد أعطت المادة 43 من القانون الأساسي للرئيس صلاحية إصدار قرارات لها قوة القانون خارج أدوار إنعقاد المجلس التشريعي، وبينت الشروط والمحددات لذلك، كما هو الحال في غالبية الدساتير والقوانين الأساسية العربية والدولية، لكنه حتما لم يدر بخلد المشرع عندما وضع هذه المادة بأنها ستواجه حالة يستمر فيها غياب السلطة التشريعية، وبأنها ستكون حبل النجاة من إنهيار ما تبقى من مرتكزات الكيانية السياسية والدستورية الفلسطينية، على عكس ما وضعت له من إحتياج. حاول الباحث من خلال هذه الرسالة مقارنة التجربة الفلسطينية مع مثيلاتها المصرية والأردنية، رغم إدراكه المسبق بأن في ذلك مقارنة غير عادلة بين التجارب الثلاث، في حين يتم إستعراض كل من التجربة المصرية والأردنية كدول مستقلة ومستقرة تحيى حياة ديموقراطية، لا تحتاج لإستخدام أحكام المادة 156 من الدستور المصري، والمادة 94 من الدستور الأردني خارج السياق الذي شرعت لأجله، فإننا نضطر فلسطينيا لمحاولة تعويض بالمادة 43 من القانون الأساسي عن غياب السلطة التشريعية لستة عشر عاما متواصلة، ولا نعلم كم من الزمن سنستمر في ذلك. كما استعرض الباحث مكانة وأهمية القرار بقانون في كافة مراحل المشروع الوطني الفلسطيني، بدء من قيام السلطة الوطنية الفلسطنية عام 1994 وحتى يومنا هذا، وحاول الباحث إبراز الأثر المترتب على غياب المجلس التشريعي من تدفق للقرارات بقانون بعيدا عن إرادة المشرع التي تقف من خلف المادة 43 من القانون الأساسي . لا شك بأننا قد حملّنا المادة 43 من القانون الأساسي أكثر مما تحتمل، وجعلنا منها قاعدة بعد أن كانت مجرد استثناء واستجبنا بالإستناد اليها للإحتياج التشريعي للواقع الفلسطيني، وحتما لن نستطيع الإستمرار في فعل ذلك الى مالا نهاية، وبالتالي فإن علينا إيجاد الحلول الإبداعية لإستعادة حياتنا السياسية القائمة على سيادة القانون والفصل ما بين السلطات، بالرغم من خصوصية التجربة وفرادتها. وهنا فإن علينا البحث عن إجابات واضحة عن العديد من الأسئلة أهمها: 1- هل بالإمكان للخروج من مأزق غياب السلطة التشريعية، بإناطة سلطة التشريع بالمجلس الوطني أو المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ 2- هل من المفيد تشكيل مجلس إستشاري مجتمعي يبدي رأيه في مشاريع القوانين في سياق توسيع قاعدة التشارك الوطني في تحمل المسؤولية وتوجيه البوصلة؟ 3- هل يكفي مؤقتا وضع محددات لإصدار القرارات بقانون، ووضع آليات جديدة لتوسيع الرقابة المجتمعية المسبقة عليها ؟ إن من أهم التحديات التي تمخض عنها واقع الأنقسام الفلسطيني هو ثقافة التسليم بغياب المجلس التشريعي وتطبيع ما ليس طبيعيا، فقد آن الأوان لنجعل من عوامل خصوصيتنا عناصر قوة، لإعادة صياغة شراكتنا السياسية وتحديد ماهية مشروعنا الوطني على نحو يكفل إنهاء الإحتلال واستكمال بناء مؤسسات دولة الحق والقانون والفصل بين السلطات .
Description
Keywords
Citation
Collections