بيت المقدس بين زمنين: الإسلامي والصّليبي
Date
2021-04
Authors
حسن سعيد الجمل
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة القدس - مركز دراسات القدس
Abstract
تكتسب دراسة النظم الإدارية, في بيت المقدس, ومحيطها, في القرنين الخامس والسادس الهجريين/ الحادي عشر والثاني عشر الميلاديّين. أهمية خاصة؛ نظراً لأهمية المدينة, ومكانتها, في الوجود الإنساني, حيث شهدت مدينة بيت المقدس, في القرون الخمسة الهجرية الأولى, قيام الدّولة العربيّة الإسلامية, والتي وضعت أسس حضارتها, ونظمها الإدارية, وحسمت مسألة عروبة فلسطين عامة, وبيت المقدس خاصّة, أرضاً, وإنساناً, وسيادةً سياسيةً استعصى بعضها على المحاولات الأجنبية, والمستمرّة تغيرها.
ونظراً لمكانة المدينة, وقدسيتها, لدى مئات الملايين, في جميع أنحاء العالم, كان عليها أن تعاني معاناة شديدة, فقد تعرّضت في نهاية القرن الخامس الهجري/نهاية القرن الحادي عشر ميلادي للغزو الفرنجي, بعد أن لعبت المشاعر الدينية القومية دوراً كبيراً في صياغة الأحداث, وكانت هذه المشاعر تولد بطريقة مصطنعة, توجع لخدمة الأغراض الدّنيوية, فقتل معظم سكان المدينة, من المسلمين وغيرهم, وأقام الفرنجة مملكتهم, واتّخذوا من المدينة المقدّسة عاصمة لهم, وأنشأوا عددا من المؤسسات الخاصّة بهم, ولم يألوا جهداً في تغيير النظم الإدارية, والسّياسية, والاجتماعية, والدّينية, والعسكرية, والقضائية, والاقتصادية, والعمرانية, في المدينة كافة, وإضفاء الصّبغة الغربية الفرنجية على مناحي الحياة فيها كافة, الأمر الذي كان جديراً بالدّراسة للتّعرف إلى أبعاد هذا الغزو الذي امتد قرابة القرن من الزّمن, في مدينة تعد ثالث المقدسات الإسلامية.
ومن الملاحظ أن موضوع دراسة النظم والتّغيرات الإدارية, وبيت المقدس, في القرنين الخامس والسادس الهجريّين/ الحادي عشر والثّاني عشر الميلاديّين, لم ينل حظه من البحث والدّراسة, بشكل متكامل الجوانب, ولم يتطرق الباحثون في الشّرق والغرب. ‘‘على تناول هذا الموضوع الخاص, بمدينة بيت المقدس ومحيطها, ولم تدرس كثير من ملامحه دراسة علمية مستقلة قائمة بذاتها, ونظراً لتناثر المادّة العلميّة في بطون المصادر والمراجع العربيّة والأجنبية, رأى الباحث أنه, من الضرورة, عمل دراسة في هذا الموضوع.
ومن الأسباب المهمة الأخرى التي دفعت الباحث إلى اختيار هذا الموضوع, خلو المكتبة العربيّة من عمل علمي متكامل ومتخصص, يبرز فيه النظم الإدارية التي كانت تدار بها المدينة المقدّسة, فترة الحكم الإسلامي, وكيف تغيّرت هذه النّظم الإدارية, فترة الحكم الفرنجيّ, وما أحدثه الفرنجة من تغيّرات جذرية في طبيعة الحكم الإداري, ولذا رأى أن يبين بشيء من التّحليل والتّفصيل, وحسب المصادر والمراجع المتاحة عن حالة المدينة المقدسة, في هذه الفترة الحرجة من تاريخها, وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدراسة شملت المدينة وأسوارها, إضافة إلى القرى والبقاع المجاورة, كجزء مكمل لها.
أما عن أهداف الدراسة, فتتركّز في عقد مقارنة موضوعية لمعرفة النّظم الإدارية, التي كانت تدار بها مدينة بيت المقدس, في ظل الحكم العربي الإسلامي, وكيف تغيّرت هذه النظم فترة الحكم الفرنجي؛ لمعرفة كيف كانت معاملة المسلمين, من خلال نظمهم الإداريّة للأماكن المقدسة, وأصحاب الدّيانات, والعقائد الأخرى, وبين معاملة الفرنجة للمقدسات أو مخالفيهم في العقيدة, ومعرفة الفارق الكبير بين التّسامح الإسلامي والهمجية الفرنجية, وتبيان حقيقة العلاقة بين اللّاتين الغزاة والمسيحيين الوطنيين (المحليين), والذين تمنوا عودة الحكم الإسلامي للمدينة مرة أخرى, بعد أن أدركوا أنهم لم ينعموا بالرخاء والسعادة إلى في كنّف النظم الإسلامية, كما تهدف الدراسة أيضاً, الى ابراز الدّافع المادي للفرنجة, من خلال قوانينها وأنظمتها الإدارية, والإقتصادية المتمثلة في سلب خيرات المنطقة, ونهبها, عدا النظم العسكرية التي حكمت بها المدينة, إضافة إلى القضاء وأنواع المحاكم القضائية, التي أنشأها الفرنجة؛ بما يتلاءم وطبيعة الطبقات الإجتماعية للمجتمع اللّاتيني.