القدس كمدينة مقسمة
Date
2020-04
Authors
مراد البسطامي
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة القدس - مركز دراسات القدس
Abstract
تناولت العديد من التقارير والأدبيات موضوع القدس, حيث تحدثت بشكل أو باخر عن خمسة محاور رئيسية حسبما يورد وليد سالم. النوع الأول يعبرّ عن الجدل السياسي والأحقية في السيادة حول المدينة, والنوع الثاني من الأدبيات كان وصفياً لسرد الإجراءات الإسرائيلية أو الفلسطينية في المدينة, أما النوع الثالث فتناول الجوانب القانونية, والنوع الرابع ذو منحى تاريخي, أما النوع الخامس فهو للحديث عن التخطيط العمراني والمشهد في المدينة. بينما ندرت الدراسات والأدبيات التي تتحدث عن القدس كمدينة مقسمة وما يعنيه ذلك من علاقات بين سكان المدينة الواحدة, وأنماط التقسيم الموجودة بالمدينة, والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على السكان, كذلك كيف يتفاعل السكان مع وجود وقائع كهذه؛ ولعل السؤال الأبرز هو كيف سيكون مستقبل المدينة مع وجود تقسيمات كهذه.
تحاول هذه المقالة أن تسلط الضوء على القدس كمدينة مقسمة, مع ربط هذه الفكرة, مع موضوعة حداثة البحر, مقابل حداثة الجبل التي تحدث عنها المؤرخ والسوسيولوجي سليم تماري. وهذه ليست حالة فريدة بعينها, فوجد عبر التاريخ العديد من النماذج للمدن المقسمة على سبيل المثال: بلفاست, نيقوسيا, موستار, برلين,بيروت. ومن الملاحظ أن معظم هذه المدن انقسمت بفعل الحروب والعوامل السياسية. يمكن الادعاء أن لمدينة القدس ميزة خاصة دون المدن المقسمة الأخرى,فقد انقسمت المدينة في العام 1948 إلى قسمين, شرقي يتبع للسلطة الأردنية, وغربي يتبع لإسرائيل, وفي العام 1967؛ وبسبب الحرب, عادت المدينة للتوحد مرة أخرى, ولكن هذه المرة تحت الحراب الإسرائيلية, مع ذلك بقيت المدينة مقسمة إلى اليوم من حيث التخطيط العمراني, والمخططات والخدمات, فالأحياء العربية منفصلة تقريباً عن الأحياء اليهودية, إما بفعل الجدران أو العوازل ـو الشوارع, كذلك من حيث تركيبتها السكانية والإثنية واللغوية والدينية. والانقسام الأخطر يتعلق بتأويل تاريخ المدينة والرواية التاريخية, حيث ينفي النموذج الاستعماري الصهيوني التاريخ الفلسطيني, وأي تاريخ قبل التاريخ الصهيوني, حيث أصبح الدارس لهذه المدينة, وكأنه يدرس تاريخين مختلفين لمكان واحد, أي رواية وتاريخ بدل رواية وتاريخ, وشعب بدل شعب, وثقافة بدل ثقافة. لم يقتصر الأمر على ذلك, بل تعداه ليتم تحويل الأرض إلى فضاء استعماري للرواية الصهيونية وتغيير المعالم, ليس من حيث الكم الديمغرافي فحسب, بل تعدى الأمر وصولاً إلى تغيير أسماء الأماكن واستبدالها بأسماء توراتية وصهيونية