العدد الثامن والعشرون .28

Browse

Recent Submissions

Now showing 1 - 5 of 11
  • Item
    جميل السلحوت وروايته الفاتنة حمروش
    (جامعة القدس, 2025-09-06) ديما السمان
    استضافت ندوة اليوم السابع الثقافية الأسبوعية المقدسية الأديب جميل السلحوت لنقاش روايته (حمروش) للفتيان والفتيات. صدرت الرواية عن منشورات "أ.دار الهدى. عبد زحالقة للطباعة والنشر" في كفرقرع 3202، وتقع في 17 صفحة من القطع المتوسط. افتتحت الأمسية مديرة الندوة ديما جمعة السمان قالت: في زمنٍ تداخلت فيه الأسطورة مع الواقع، واستحكمت الخرافة على العقول، يطلّ الأديب الفلسطينيّ جميل السّلحوت بروايته "حمروش" التي صدرت عن أ.دار الهدى عبد زحالقة للفتيات والفتيان، يحمل في طياته نقدًا اجتماعيًّا عميقًا لهيمنة الجهل والخرافات على المجتمعات. الرواية ليست مجرد حكاية للأطفال أو للناشئة، بل هي عمل أدبي يُدين زمنًا كانت فيه الخرافة سيدة الموقف، وكان العقل مغيّباً، حيث تتغلغل في المجتمع موروثات واعتقادات تسيطر على السلوكيات وتعيق التّفكير النّقدي. تدور أحداث الرواية في إحدى القرى الفلسطينية التي تخضع لأوهام وخرافات حول مغارة يُقال إنها مسكونة بالأرواح الشريرة، ويعتقد أن فيها كنزاً لرجل صالح يدعى حمروش، تشكّلت هذه الأسطورة في حياة سكان القرية، حيث يتجنّب الناس الاقتراب من المغارة، خصوصاً في الليل، خوفاً من غضب حمروش والأرواح المزعومة. وسط هذا الجو المشحون بالخوف ينشأ الطفل سعيد، وهو شخصية محورية تعكس وعي الجيل الجديد ورفضه لتلك المعتقدات، حيث يسخر سعيد من هذه الخرافات بفطرته البريئة ويبدأ بشجاعة التشكيك في الموروث. يزداد التّشويق في الرواية مع وصول النّوري وزوجته صبريّة إلى القرية، وهما غريبان يختاران السّكن في المغارة دون علمهما بما يدور حولها من قصص. هذا الحدث يكشف عن مدى تغلغل الخرافة في حياة الناس، ويضيف تعقيداً درامياً، حيث تبدأ الشخصيات في التعامل مع وجود الغرباء في المكان الذي كان مصدراً للرّعب. النوري وزوجته يمثلان جانبًا آخر من الجهل، حيث يمارسان أعمالاً مستندة إلى الخرافة مثل قراءة الطّالع والتداوي بطرق بدائية، مما يبرز استغلال هذه المعتقدات لتحقيق مكاسب شخصية. تصل الرواية إلى ذروتها مع وقوع زلزال يهدم قبر حمروش، ليكشف عن هيكل عظمي لحمار مدفون هناك، في مشهد صادم يكشف زيف الأسطورة التي سيطرت على عقول السكان. هذه النهاية الرمزية تحمل رسائل تربوية عميقة، حيث تسلط الضوء على أهمية التفكير النقدي ودور العلم في مواجهته. كما أنَّ شخوص الرواية ورموزها مرسومة بعناية، إذ أحسن الكاتب توظيفها لإيصال رسالته التوعوية التّعليمية. الطفل سعيد يمثّل الأمل في جيل جديد قادر على تحدّي الموروثات والتّساؤل حول صحتها، في حين أن الزّلزال الذي يكشف الحقيقة يعكس اللحظة التي يُجبر فيها المجتمع على مواجهة زيف معتقداته. وهنا تعكس الرّواية صراعًا بين الأجيال: الكبار يصدّقون الخرافات وينقلونها، والصغار يشكّكون فيها ويهزؤون منها. هذه العلاقة تمثّل التحول التدريجي من الجمود العقلي إلى التفكير النّقدي عبر الأجيال. أمّا المغارة، فتمثّل محور الخرافات، إذ تشكّل رمزًا للجهل المستتر في زوايا المجتمعات. كلما اقترب الناس من فك غموضها، يظهر خوفهم من مواجهة الحقيقة. كذلك، يُبرز الكاتب كيف كانت المرأة ضحية للجهل؛ كما يظهر في مشهد صبرية وهي تبصق في أفواه النّساء لعلاجهن من العقم؛ ما يعكس حاجة النساء إلى التّمكين الفكري لتحرير أنفسهن من هذه الممارسات. تتميز الرواية بأسلوبها البسيط والمناسب للفئة المستهدفة، لكنها في الوقت ذاته حملت أبعادًا رمزية عميقة تجعلها تتجاوز كونها مجرد قصة للفتيات والفتيان. إذ تمت الأحداث بحبكة متماسكة، وجاءت النهاية صادمة لتحدث الأثر المرجو في نفوس القاراء. وعلى الرغم من ذلك، بقيت بعض الشخصيات مثل النوري وزوجته سطحيّة إلى حد ما؛ لم يتعمق الكاتب في أبعادهما النفسية، بل اكتفى بتقديمها كرمز لاستغلال المبني على الجهل. في النهاية، تُعدّ رواية "حمروش" عملاً أدبيًا مميزًا يُدين الخرافة ويدعو إلى تحرير العقول من قيود الموروثات البالية. إنها ليست مجرد قصة عن الماضي، بل هي مرآة تعكس الواقع في بعض جوانبه، ودعوة للتغيير وبناء المستقبل يعتد على العلم والعقل. بأسلوب بسيط ورسائل عميقة، يقدم جميل السلحوت صرخة أدبية ضد الظلام الفكري، ونداءً للتّفكر الحر والتّحرر من قيود الجهل.
  • Item
    ملخص مفصّل لتقرير بتسيلم "إبادتنا الجماعية" (تموز / يوليو 2025)
    (جامعة القدس, 2025-09-06) هيئة التحرير
    تُشكّل مقدمة تقرير "إبادتنا" الصادر عن منظمة بتسليم الأساس لأطروحتها المركزية، وهي أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. فبعد أحداث السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، التي أسفرت عن مقتل 1,218 إسرائيلياً وأجنبياً، شنّت الحكومة الإسرائيلية حملة عسكرية واسعة النطاق على غزة. وبعد أكثر من عشرين شهراً، كانت هذه الحملة قد تطوّرت إلى ما يصفه معدّو التقرير باعتداء منهجي وشامل على حياة الفلسطينيين. ويؤكد التقرير أن سلوك إسرائيل لا يمكن تفسيره كحرب تقليدية ضد حركة حماس؛ بل كحملة تشمل القتل الجماعي للمدنيين، والتجويع المتعمد، والتهجير الواسع، والتدمير المنهجي للبنية التحتية والمواقع الثقافية، وتفكيك الحياة المدنية. وترى بتسليم أن هذه السياسات تعبر عن جهد منسق ومقصود لتدمير المجتمع الفلسطيني في غزة، أي إنها تُشكّل جريمة إبادة جماعية. ويُبرز معدّو التقرير أن الإبادة الجماعية عملية متعددة الأوجه. فبينما يُعَدّ القتل الجماعي أحد أركانها، إلا أن هناك أفعالًا أخرى، مثل خلق ظروف معيشية تهدّد الحياة، و الانتهاكات المتعمدة على مؤسسات الصحة والتعليم والثقافة، والتهجير القسري، والتدمير النفسي لشعب بأكمله، لطالما استخدمت كأدوات إبادة جماعية عبر التاريخ. وغالبًا ما تُنفذ هذه الممارسات بشكل متزامن، بدعم من أجهزة الدولة، ويبرر من خلال أيديولوجيات حاكمة. وفي الحالة الإسرائيلية، يشير التقرير إلى ضرورة فهم الهجوم على غزة في سياق نظام الأبارتهايد المستمر، الذي يقوم على تفوق عرقي لليهود وعلى إخضاع الفلسطينيين وتقسيمهم وتجريدهم من إنسانيتهم بشكل منهجي. فمنذ عام 1948، قامت الدولة الإسرائيلية بتطوير وتحديث أدوات السيطرة والعنف والفصل والهندسة العرقية، بهدف الحفاظ على هيمنتها على الشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإن العدوان على غزة ليس حالة استثنائية أو طارئة، بل هو تتويج لعقود من القمع، وقد بلغ اليوم أقصى تجلياته. ويشدد التقرير على أن الإبادة الجماعية، وإن كانت تحدث دائمًا ضمن سياق تاريخي وسياسي معيّن، إلا أنها غالبًا ما تستثار عبر حدثٍ مفصليّ. وفي هذه الحالة، كان هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر هو الحدث المفجّر، الذي أطلق العنان لاندفاع لأيديولوجيات وآليات قمع متجذّرة كانت قائمة مسبقًا. ولا تبرّر بتسيلم في تقريرها الفظائع التي ارتُكبت في ذلك اليوم لكنها ترفض بشدة الادعاء بأن تلك الجرائم تبرر التدمير المنهجي لشعب بأكمله. وتؤكد أن ردّ الحكومة والجيش والمجتمع الإسرائيلي قد تجاوز مفهوم الانتقام أو الدفاع عن النفس، ليصبح محاولة فعلية لإبادة شعب بأكمله. وتختتم بتسيلم المقدمة بالتأكيد على رسالتها كمنظمة حقوقية، وعلى واجبها الأخلاقي في الشهادة على ما يحدث، والتحدث بوضوح عمّا يُرتكب من جرائم، والمناشدة باتخاذ إجراءات دولية عاجلة لوضع حد لهذه الإبادة الجماعية.
  • Item
    دراسة 2005 إلى 2025 سنوات الصبر والصمود.. إحباط التسوية في ظل تمدد اليمين الصهيوني وتعدد رؤى المقاومة
    (جامعة القدس, 2025-09-06) سعيد أبو علي
    لاشك أن الفترة الممتدة من عام 2005 وحتى 2025 تمثل فترة بالغة الصعوبة في تاريخ القضية الفلسطينية، ذلك لأنها ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بالصعود السياسي لليمين المتطرف في إسرائيل، وتضاؤل فرص الحوار والسلام، فضلًا هما شهدته من أزمات إنسانية واقتصادية متفاقمة في ظل الاعتداءات المتكررة التي مارستها سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العُزّل في قطاع غزة والضفة الغربية على السواء، في إطار محاولاتها المستميتة لفرض سياسة الأمر الواقع. ولقد تطورت هذه الاعتداءات وتنوعت مبرراتها لدى سلطة الاحتلال الغاشم لتصل إلى ذروتها في أكتوبر / تشرين الأول 2023 لتبدأ حرب الإبادة الوحشية غير المسبوقة في تاريخ القضية بهدف تنفيذ مخططات سابقة لتصفية الوجود الفلسطيني تمامًا عبر القتل والتشريد والتهجير وتدمير كل مقومات الحياة، وهو ما يُمثل تطورًا جديدًا في مسيرة الشعب الفلسطيني الأبيّ.
  • Item
    دراسة محكمة أطروحات الدكتوراه أركان المشروع المعرفي لدراسات بيت المقدس (2001-2020): ملخصها وأهميتها
    (جامعة القدس, 2025-09-06) رشيد شيخو; علي شيخ عنر
    يهدف هذا البحث إلى إحصاء أطروحات الدكتوراه في مجال دراسات بيت المقدس، وذلك منذ انطلاق المشروع المعرفي لدراسات بيت المقدس في عام 2001 وحتى عام 2020؛ حيث تقدم هذه الدراسة شرحًا لملخصات الرسائل الأكاديمية في الميدان المذكور، مع ذكر أهدافها ونتائجها وأهميّتها ومضمونها، ثم تصنيفها وفق المواضيع التي عالجتها. ويعد جمع وتوثيق عناوين أطروحات الدكتوراه في دراسات .بيت المقدس بمثابة أساس متين لهذا المجال؛ إذ يحدّد هذا البحث معالم الدراسات المقدسية، ويساعد الباحثين في اختيار مواضيعهم ومتابعتها. كما يوفر البحث الاطلاع على الإنجازات الأكاديمية لمشروع دراسات بيت المقدس، ويعطي فهمًا للجوانب التي غطتها الرسائل العلمية المقدسية، فضلًا عن بيان الجوانب المهملة، ونقاط الضعف، ختامًا بحلول وتوصيات لتجاوزها. وقد اتبع الباحثان المنهج الوصفي التحليلي؛ لفهم خلاصات الأطروحات وتصنيفها، ففي التمهيد ذكر فكرة المشروع المعرفي لدراسات بيت المقدس، وجاء المبحث الأول شارحًا لملخصات أطروحات الدكتوراه، وفي المبحث الثاني تم تصنيف الأطروحات، وذكر الجوانب المهمة، وبيان النقاط المهملة التي تحتاج إلى بحث وتأصيل علمي.
  • Item
    فضائل زيارة الحرم القدسي الشريف سياسيًا وعمليًّا
    (جامعة القدس, 2025-09-06) عمرو يوسف
    في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف، سواءً بوضع قيود على حرية العبادة للمسلمين أو السماح للجماعات اليهودية المتطرفة بالنفاذ إلى الحرم وإقامة شعائر دينية به، وإقحام القوات إليه، أو إعاقة عمل مديرية المسجد الأقصى المبارك وشؤون القدس. وذلك كله في إطار مساعٍ، عمليًّا في الأغلب وتصريحًا أحيانًا، لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي وتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا كما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل. ليس هذا الوضع المؤسف بجديد، فهو مستمر بدرجات متفاوتة منذ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام 1967، وإن كانت قد زادت وتيرته في السنوات الأخيرة بحكم تصاعد تيار اليمين الديني المتطرف في إسرائيل وتمكنه من سياسة الحكومة في هذا الشأن. وفي الوقت الذي تبذل الجهات المعنية بشؤون المسجد في فلسطين والأردن جهدًا محمودًا لأداء مهامها في ظل سياسة إسرائيلية تحاربها، فإن زيارة المسلمين للحرم القدسي الشريف تظل عاملًا مهمًّا في صد هذه السياسات الإسرائيلية. ظلت هذه الزيارة محل رفض شعبي ومؤسسي عربي لفترات طويلة، بل ويزيد على ذلك فتاوى تحرّمها لما اعتبرته في ذلك من تطبيع مع العدو واعترافًا بسلطته وتكريسًا لها. غير أن فتاوى أخرى لاحقة رأت في مثل هذه الزيارة مصلحة شرعية، مضافًا إليها دواعٍ موضوعية وسياسية. فمثلما حثت نصوص على شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى، فقد جاءت مواقف لعدد من كبار العلماء المعاصرين من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي تؤكد هذا الجانب، ودعت دولة فلسطين دائمًا وسايرتها في ذلك قرارات مجلس جامعة الدول العربية، إلى دعم زيارة مدينة القدس، والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، والتشديد على زيارة المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف لكسر الحصار المفروض عليه وشد الرحال إليه لإجهاض مخططات الجماعات اليهودية المتطرفة. لم تجد الدعوات صدى عمليًا ملموسًا حتى الآن، ولعل الاعتداءات الإسرائيلية، وما تتطور عليه من خاطر جَسيمٍ مستقبليًا على الحرم القدسي الشريف، تمثل فرصة لتسليط الضوء مجددًا على أهمية زيارة المسلمين للحرم القدسي الشريف في حياته، بتركّز فيما هذه السطور القارئ الكريم ليستقي قبلها جملة من الآراء الدينية حيال هذه الزيارة، ويركّز عوضًا عن ذلك على تفاصيل هذه الزيارة من الناحيتين السياسية والعملية. أما من الناحية السياسية، فيُعَتقد أن الهدف في إعاقة دخول الجماعات اليهودية المتطرفة للحرم القدسي الشريف بقدر الإمكان، وذلك من خلال الحضور الكثيف للمسلمين بشكل دائم داخل الحرم، بشكل أقرب للحاصل في الحرم المكي، مع الفارق. ذلك أن هذا التواجد المتواصل من شأنه تقييد دخول الجماعات اليهودية المتطرفة للحرم القدسي وإقامة شعائرها الدينية به، حتى وإن لم يفلح هذا التواجد، وهو الأرجح، في منع دخول الجماعات اليهودية المتطرفة كليًا، فعلى الأقل سوف يحول دون “التطبيع” مع دخول هذه الجماعات للحرم القدسي. ذلك التطبيع الذي من شأنه، بمرور الوقت، أن يجعل التقسيم الزماني والمكاني واقعًا تدريجيًا. إن المتابع ليلاحظ أنه فيما يزدحم الحرم القدسي الشريف وباحاته بعشرات الآلاف من المصلين والزائرين المسلمين خلال شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، فإن باحات الحرم والمسجدين الأقصى وقبة الصخرة تكاد تكون خاوية من المصلين والزائرين باقي شهور السنة خلال أوقات الصلاة التي لا تتجاوز فيها صفوف المصلين عدد أصابع اليدين. ولا يُستبعد أن يكون فراغ الحرم القدسي من المصلين المسلمين أغلب أوقات السنة عائدًا لعاملين اثنين: الأول: ما يقوم به اليهود المتطرفون من محاولات لاقتحامه أحيانًا. الثاني: أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لا تمنح الحرية الكاملة لنفاذ المسلمين للحرم القدسي، وذلك عبر وضعها قيودًا تتعلق بسن أو أعداد المسلمين المسموح بدخولهم، فضلًا عن إعاقة الوصول للقدس والبلدة القديمة للقادمين من الضفة الغربية أو من داخل إسرائيل ذاتها في بعض الأحيان. غير أن خلو الحرم القدسي من المسلمين أغلب أوقات السنة لا يُعزى إلى إجراءات إسرائيلية وحدها، فضلًا عن أن إسرائيل تسمح بزيارة الحرم القدسي للمسلمين، بخلاف مواطنيها والفلسطينيين، من مواطني الدول التي تحتفظ معها بعلاقات دبلوماسية، سواء كانت دولًا عربية أو غير عربية مثل تركيا والهند. بطبيعة الحال، إذا ما سُمِحَ للمسلمين بأعداد كبيرة من خارج إسرائيل وفلسطين بزيارة الحرم القدسي، فإن إسرائيل سوف تضع عوائق أيضًا أمام ذلك سواء بإلزامهم إصدار تصاريح دخول للقدس أو بعرقلة أخرى في البلدة القديمة، وصولًا إلى أبواب الحرم القدسي. إن هذا الدخول لا يوازي الازدحام الكبير الذي يشهده خلال شهر رمضان، ولكنه بكل تأكيد سوف يُسهم ولو بالحد الأدنى في الحفاظ على حرمة الحرم القدسي، وسوف تُسبب كل محاولات قوة الاحتلال إعاقة نفاذ المسلمين للحرم، جزئيًا أو كليًا، إحراجًا دبلوماسيًا لإسرائيل يمكن للدول العربية والإسلامية استغلاله سياسيًا ضدها. أما من الناحية العملية، فإن زيارة المسلمين من خارج فلسطين للحرم القدسي الشريف تُقدّم دعمًا يحتاج إليه فلسطينيو القدس الشرقية أشد الحاجة، يتعرض هؤلاء الفلسطينيون، سكّاناً وعاملين، لسياسات ممنهجة من جانب قوّة الاحتلال تهدف إلى إخراجهم من القدس تدريجياً بعدد من الوسائل التي تمتلكها، بالتلخيص عبر التراخيص والضرائب، والترغيب مثل الإغراء بالمال، وليس نمو ممتلكات المنظمات اليهودية المتطرفة داخل القدس الشرقية سوى نتيجة هذه السياسات. وبالتالي، فإن زيارة أعداد كبيرة من المسلمين للمدينة المقدسة تمثل دعماً معنوياً مهماً لثبات أصحاب الأرض عليها، كما تحقق مكاسب مادية ملموسة لهم – من خلال رواج السلع والخدمات لدى فلسطينيي القدس الشرقية – تساعدهم في الصمود في وجه الإجراءات الإسرائيلية. يفوق هذا المكسب للفلسطينيين أي أرباح متوقعة، مادية أو دعائية، قد تعود على إسرائيل جراء سماحها بدخول أعداد كبيرة للمسلمين من الدول العربية والإسلامية إلى الحرم القدسي الشريف. ليست زيارة المسلمين من الدول العربية للحرم القدسي الشريف حلاً كاملاً أو مثالياً لحل محنته والحفاظ على الوضع القائم، وإنما هي جزء من كل. كما أنه من المهم مسبقاً أن تنفذ هذه الدعوة سوف يواجه عوائق من جانب إسرائيل كما قد يتعرض لتحفظات. بعضها أمني وبعضها سياسي، من الدول العربية ومواقفها أو مواقفها إلى القدس عبر إسرائيل. غير أنه في متعلق بالعوائق الإسرائيلية فإنه مكاسب حتى النجاح الجزئي في تحقيق زيارة أعداد ملموسة للحرم تفوق خسائره المحتملة كما تقدم. أما فيما يتعلق بالتحفظات عربياً، فلا شك أن مؤسسات الدول العربية لديها من الوسائل لوضع ضوابط كفيلة بها أن تحقق هذه الزيارة أهدافها المنشودة دون إخلال بالاعتبارات الأمنية والسياسية المشروعة. وخِتاماً، فإن تفعيل مثل هذه الزيارات التي تؤيدها دولة فلسطين بدعوة بإجماع عربي يُعدّ من قبل المقاومة السلمية للاحتلال وخططه، من أجل الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم للحرم القدسي الشريف، وما لا يُدرك كله لا يُترك كله.