فضائل زيارة الحرم القدسي الشريف سياسيًا وعمليًّا
dc.contributor.author | عمرو يوسف | |
dc.date.accessioned | 2025-09-15T06:50:30Z | |
dc.date.available | 2025-09-15T06:50:30Z | |
dc.date.issued | 2025-09-06 | |
dc.description.abstract | في ظل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والضفة الغربية، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي الشريف، سواءً بوضع قيود على حرية العبادة للمسلمين أو السماح للجماعات اليهودية المتطرفة بالنفاذ إلى الحرم وإقامة شعائر دينية به، وإقحام القوات إليه، أو إعاقة عمل مديرية المسجد الأقصى المبارك وشؤون القدس. وذلك كله في إطار مساعٍ، عمليًّا في الأغلب وتصريحًا أحيانًا، لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في الحرم القدسي وتقسيمه زمانيًّا ومكانيًّا كما حدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل. ليس هذا الوضع المؤسف بجديد، فهو مستمر بدرجات متفاوتة منذ احتلال إسرائيل للقدس الشرقية عام 1967، وإن كانت قد زادت وتيرته في السنوات الأخيرة بحكم تصاعد تيار اليمين الديني المتطرف في إسرائيل وتمكنه من سياسة الحكومة في هذا الشأن. وفي الوقت الذي تبذل الجهات المعنية بشؤون المسجد في فلسطين والأردن جهدًا محمودًا لأداء مهامها في ظل سياسة إسرائيلية تحاربها، فإن زيارة المسلمين للحرم القدسي الشريف تظل عاملًا مهمًّا في صد هذه السياسات الإسرائيلية. ظلت هذه الزيارة محل رفض شعبي ومؤسسي عربي لفترات طويلة، بل ويزيد على ذلك فتاوى تحرّمها لما اعتبرته في ذلك من تطبيع مع العدو واعترافًا بسلطته وتكريسًا لها. غير أن فتاوى أخرى لاحقة رأت في مثل هذه الزيارة مصلحة شرعية، مضافًا إليها دواعٍ موضوعية وسياسية. فمثلما حثت نصوص على شدّ الرحال إلى المسجد الأقصى، فقد جاءت مواقف لعدد من كبار العلماء المعاصرين من بينهم الشيخ يوسف القرضاوي تؤكد هذا الجانب، ودعت دولة فلسطين دائمًا وسايرتها في ذلك قرارات مجلس جامعة الدول العربية، إلى دعم زيارة مدينة القدس، والمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، والتشديد على زيارة المسجد الأقصى المبارك والحرم القدسي الشريف لكسر الحصار المفروض عليه وشد الرحال إليه لإجهاض مخططات الجماعات اليهودية المتطرفة. لم تجد الدعوات صدى عمليًا ملموسًا حتى الآن، ولعل الاعتداءات الإسرائيلية، وما تتطور عليه من خاطر جَسيمٍ مستقبليًا على الحرم القدسي الشريف، تمثل فرصة لتسليط الضوء مجددًا على أهمية زيارة المسلمين للحرم القدسي الشريف في حياته، بتركّز فيما هذه السطور القارئ الكريم ليستقي قبلها جملة من الآراء الدينية حيال هذه الزيارة، ويركّز عوضًا عن ذلك على تفاصيل هذه الزيارة من الناحيتين السياسية والعملية. أما من الناحية السياسية، فيُعَتقد أن الهدف في إعاقة دخول الجماعات اليهودية المتطرفة للحرم القدسي الشريف بقدر الإمكان، وذلك من خلال الحضور الكثيف للمسلمين بشكل دائم داخل الحرم، بشكل أقرب للحاصل في الحرم المكي، مع الفارق. ذلك أن هذا التواجد المتواصل من شأنه تقييد دخول الجماعات اليهودية المتطرفة للحرم القدسي وإقامة شعائرها الدينية به، حتى وإن لم يفلح هذا التواجد، وهو الأرجح، في منع دخول الجماعات اليهودية المتطرفة كليًا، فعلى الأقل سوف يحول دون “التطبيع” مع دخول هذه الجماعات للحرم القدسي. ذلك التطبيع الذي من شأنه، بمرور الوقت، أن يجعل التقسيم الزماني والمكاني واقعًا تدريجيًا. إن المتابع ليلاحظ أنه فيما يزدحم الحرم القدسي الشريف وباحاته بعشرات الآلاف من المصلين والزائرين المسلمين خلال شهر رمضان وعيدي الفطر والأضحى، فإن باحات الحرم والمسجدين الأقصى وقبة الصخرة تكاد تكون خاوية من المصلين والزائرين باقي شهور السنة خلال أوقات الصلاة التي لا تتجاوز فيها صفوف المصلين عدد أصابع اليدين. ولا يُستبعد أن يكون فراغ الحرم القدسي من المصلين المسلمين أغلب أوقات السنة عائدًا لعاملين اثنين: الأول: ما يقوم به اليهود المتطرفون من محاولات لاقتحامه أحيانًا. الثاني: أن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لا تمنح الحرية الكاملة لنفاذ المسلمين للحرم القدسي، وذلك عبر وضعها قيودًا تتعلق بسن أو أعداد المسلمين المسموح بدخولهم، فضلًا عن إعاقة الوصول للقدس والبلدة القديمة للقادمين من الضفة الغربية أو من داخل إسرائيل ذاتها في بعض الأحيان. غير أن خلو الحرم القدسي من المسلمين أغلب أوقات السنة لا يُعزى إلى إجراءات إسرائيلية وحدها، فضلًا عن أن إسرائيل تسمح بزيارة الحرم القدسي للمسلمين، بخلاف مواطنيها والفلسطينيين، من مواطني الدول التي تحتفظ معها بعلاقات دبلوماسية، سواء كانت دولًا عربية أو غير عربية مثل تركيا والهند. بطبيعة الحال، إذا ما سُمِحَ للمسلمين بأعداد كبيرة من خارج إسرائيل وفلسطين بزيارة الحرم القدسي، فإن إسرائيل سوف تضع عوائق أيضًا أمام ذلك سواء بإلزامهم إصدار تصاريح دخول للقدس أو بعرقلة أخرى في البلدة القديمة، وصولًا إلى أبواب الحرم القدسي. إن هذا الدخول لا يوازي الازدحام الكبير الذي يشهده خلال شهر رمضان، ولكنه بكل تأكيد سوف يُسهم ولو بالحد الأدنى في الحفاظ على حرمة الحرم القدسي، وسوف تُسبب كل محاولات قوة الاحتلال إعاقة نفاذ المسلمين للحرم، جزئيًا أو كليًا، إحراجًا دبلوماسيًا لإسرائيل يمكن للدول العربية والإسلامية استغلاله سياسيًا ضدها. أما من الناحية العملية، فإن زيارة المسلمين من خارج فلسطين للحرم القدسي الشريف تُقدّم دعمًا يحتاج إليه فلسطينيو القدس الشرقية أشد الحاجة، يتعرض هؤلاء الفلسطينيون، سكّاناً وعاملين، لسياسات ممنهجة من جانب قوّة الاحتلال تهدف إلى إخراجهم من القدس تدريجياً بعدد من الوسائل التي تمتلكها، بالتلخيص عبر التراخيص والضرائب، والترغيب مثل الإغراء بالمال، وليس نمو ممتلكات المنظمات اليهودية المتطرفة داخل القدس الشرقية سوى نتيجة هذه السياسات. وبالتالي، فإن زيارة أعداد كبيرة من المسلمين للمدينة المقدسة تمثل دعماً معنوياً مهماً لثبات أصحاب الأرض عليها، كما تحقق مكاسب مادية ملموسة لهم – من خلال رواج السلع والخدمات لدى فلسطينيي القدس الشرقية – تساعدهم في الصمود في وجه الإجراءات الإسرائيلية. يفوق هذا المكسب للفلسطينيين أي أرباح متوقعة، مادية أو دعائية، قد تعود على إسرائيل جراء سماحها بدخول أعداد كبيرة للمسلمين من الدول العربية والإسلامية إلى الحرم القدسي الشريف. ليست زيارة المسلمين من الدول العربية للحرم القدسي الشريف حلاً كاملاً أو مثالياً لحل محنته والحفاظ على الوضع القائم، وإنما هي جزء من كل. كما أنه من المهم مسبقاً أن تنفذ هذه الدعوة سوف يواجه عوائق من جانب إسرائيل كما قد يتعرض لتحفظات. بعضها أمني وبعضها سياسي، من الدول العربية ومواقفها أو مواقفها إلى القدس عبر إسرائيل. غير أنه في متعلق بالعوائق الإسرائيلية فإنه مكاسب حتى النجاح الجزئي في تحقيق زيارة أعداد ملموسة للحرم تفوق خسائره المحتملة كما تقدم. أما فيما يتعلق بالتحفظات عربياً، فلا شك أن مؤسسات الدول العربية لديها من الوسائل لوضع ضوابط كفيلة بها أن تحقق هذه الزيارة أهدافها المنشودة دون إخلال بالاعتبارات الأمنية والسياسية المشروعة. وخِتاماً، فإن تفعيل مثل هذه الزيارات التي تؤيدها دولة فلسطين بدعوة بإجماع عربي يُعدّ من قبل المقاومة السلمية للاحتلال وخططه، من أجل الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم للحرم القدسي الشريف، وما لا يُدرك كله لا يُترك كله. | |
dc.identifier.issn | 2707-9767 | |
dc.identifier.uri | https://dspace.alquds.edu/handle/20.500.12213/10064 | |
dc.language.iso | ar | |
dc.publisher | جامعة القدس | |
dc.title | فضائل زيارة الحرم القدسي الشريف سياسيًا وعمليًّا | |
dc.type | Article |