خليل بيدس: أول أسير فلسطيني في مواجهة الاحتلال البريطاني

Date
2022-04
Authors
جهاد أحمد صالح
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة القدس - مركز دراسات القدس
Abstract
عاش خليل بيدس في حقبة زمنية تعدّ من أبرز حقبات تاريخنا العربي الحديث وأهمّها, خصوصاً النصف الأول من القرن المنصرم الذي كان غنياً بالأحداث السياسية والفكرية والاجتماعية العاصفة. فلقد انطوت الحرب العالمية الأولى على انتصار الاستعمار الغربي الجشع المتوثّب, وفي خضم أحداث هذه الحرب على أيادي حلفائها الغربيين, الذين صارت مطامعها الاستعمارية تظهر جلياً في بداية الأمر, وتتكرس في واقع أمتنا وحياتها بعد مدة قصيرة جداً من نهاية الحرب. فمن الناحية السياسية, خضعت المنطقة, بموجب اتفاقية "سايكس-بيكو", إلى استعمار الدول الغربية المنتصرة, خصوصاً بريطانيا وفرنسا, ما أتاح المجال أمام المطامع الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين بقوة الانتداب البريطاني على أرضها, من ناحية أخرى. ومن الناحية الاجتماعية, عمّ البؤس والفقر غالبية أبناء الأمة, نتيجة للسياسة العثمانية القائمة على القهر, التي كانت تسيطر على عقلية قادتها, وعمّت فيما بعد حالة من الانقسام والصراع الاجتماعي بين طبقات المجتمع وشرائحه, ونتيجة لسياسة بذّر الفتنة وإثارة النزاعات المختلفة التي اتبعتها الدول الاستعمارية الغربية لتمرير أهدافها لشّل قدرة من يعارض إحكام سيطرتها على المنطقة, وما جرّته من ويلات ونكبات على أبنائها, وما استتبع ذلك من هبوط في الأخلاق والقيم والعلاقات الإنسانية في مختلف مستوياتها. لكنّ الملفت للنظر, وما يدعونا إلى التوقف عنده وتمحيص أسبابه, هو أنه إذا كان الأمر كذلك (بالنسبة لنتائج الحرب العالمية الأولى) من الناحيتين السياسية والاجتماعية, فإن الأمر مختلف جداً من الناحية الفكرية والثقافية. وفي خضم هذه الحقبة المهمة والغنية بالأحداث السياسية والفكرية والاجتماعية, عاش خليل بيدس حياته, وعلى الرغم من تجّرعه جرعات من آلامها وعذابها, فإنه قدّم لنا ذخيرة من اثاره, مليئة بالإبداع والعطاء والريادة في مجالات الأدب والترجمة والتعليم والصحافة, فكان شخصية خصبة, تداخلت وتمازجت فيها كل هذه التجارب, لم يلتزم في يوم من الأيام بفكر معين أو بنظرية سياسية محددة, سواء ماكان وافداً منها, أم ما كان منبثقاً من طبيعة المرحلة التاريخية التي عاش فيها, ولم يؤمن سوى بالإنسان قضية محورية جعلها لحياته هدفاً ومثالاُ أعلى يحاول الوصول إليه. لهذه الأسباب جميعاً, تمازجت سيرته الذاتية و تلازمت مع آثاره الإبداعية التي تركها لنا, فكان لا بد للدارس الباحث من تناول الناحيتين معاً: الأولى: سيرته من ناحية مولده, ونسبه, وأسرته, وثقافته, وصفاته, وأعماله. الثانية, دراسة آثاره شكلاً ومضموناً, ووضعها في مكانها من مجالات الإبداع. هاتان الناحيتان المتلاحمتان هما ما اجتهدت في محاولة الإحاطة بهما, في حدود طاقتي, والمصادر المتواضعة التي توصلت إليها. ولا يفوتني أن أكرر في هذا المجال: أن رجلاً من طراز خليل بيدس يصعب على الباحث الإحاطة حتى ببعض معالم السيرة الذاتية الخاصة لحياته الحافلة بالعطاء والإبداع. مصحوبة بالاضطهاد الأجنبي والحكم عليه بالإعدام من قبل السلطات التركية قبل زوالها, وسعادته باستتباب الأمور لصالح الدولة الإنكليزية فكافئته بالسجن وحكم الإعدام, خلّصته منها الجماهير الغاضبة في كل المدن الفلسطينية, ويدعونا العرفان بالجميل, والوطنية الفلسطينية, ان نعيد, بكل تواضع البحث عن إبداعه والاستفادة من تجربته الخالدة.
Description
Keywords
Citation