القدس ومركزية الجدار في الفكر الصهيوني: من الجدار الحديدي إلى جدار الفصل العنصري
Date
2020-01
Authors
سعيد أبو علي
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
جامعة القدس - مركز دراسات القدس
Abstract
توشك سلطات الاحتلال الإسرائيلي على استكمال بناء جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة, في تجاهل ورفض تام لقرارات الشرعية الدولية, ورغم مرور سنوات طويلة على صدور فتوى محكمة العدل الدولية في 9/7/2004, وقرار الجمعية العامة بشأن جدار الفصل العنصري في 20/7/2004, حيث صعّدت من مصادرتها وسلبها للأراضي الفلسطينية المحتلة لصالح بناء جدار الفصل العنصري الذي يحاصر ويقطع اراضي الضفة الغربية المحتلة إلى معازل كانتونات, والذي سيبلغ طوله عند الإنتهاء من بنائه حوالي (810) كم (أكثر من ضعفي طول الخط الأخضر), وسيستولي على أكثر من 22 بالمئة من المساحة الإجمالية للضفة الغربية المحتلة.
على ارتفاع يتراوح بين 4.5 الى 9 أمتار يمتد ذلك الجدار مئات الكيلومترات ليقسم فلسطين إلى شطرين, جدار فصل يعزل المناطق الفلسطينية عن محيطها ويفصل الفلسطيني عن الفلسطيني وعن أرضه وعائلته, في مشروع ضخم يضم ويوسع أراضي الكيان الصهيوني وليكون امرا واقعاً على الأرض.
الجدار الفاصل هو مشروع البنى التحتية الأكبر والأكبر تكلفة من المشاريع التي أنجزتها دولة إسرائيل منذ بناء مشروع المياه القطري في سنوات الخمسين والستين. وقد جرى التشديد في جميع القرارات والمستندات ذات الصلة على أن هذا الجدار لا يرسم حدوداً سياسية مستقبلية. إلى أن الجدار الفاصل شيد على هيئة جدار حدودي, كما أن مساره تقرر, من ضمن سائر الاعتبارات, وفق مواقع المستوطنات والسعي إلى توسيعها.
يقع 85 بالمئة من مسار الجدار داخل مناطق الضفة الغربية. وقد أعلن الجهاز الأمني عن 74 بالمئة من المناطق التي ظلت في الجانب "الإسرائيلي" من الجدار, والتي يسكنها قرابة 7.500 فلسطيني, على أنها "مناطق تماس", واخضعها لمنظومة تصاريح قاسية تشترط على الفلسطينيين الراغبين بالمكوث في هذه المناطق أو المرور عبرها, الحصول على تصريح من الإدارة المدنية. ويحق للمواطنين الإسرائيليين أو اليهود الذين ليسوا مواطنين, الدخول إلى منطقة التماس بشكل حر.
ولم يأت بناء جدار الفصل العنصري في القدس بهدف منع ما سمته اسرائيل "العمليات الإرهابية والتخريبية", بل جاء بناؤه من أجل استكمال فصل وعزل القدس بشكل مطلق عن واقعها الجغرافي وعن بعدها العربي الفلسطيني وحشرها في محيط يهودي, ولم تكن فكرة الجدار فكرة جديدة, بل هي فكرة قديمة جداً حتى قبل أن يكون هناك وجود يهودي مهم في فلسطين. وكان وائيف جابوتنسكي هو أول من طرح فكرة إقامة جدار خلال مقالين نشرهما باللغة الروسية عام 1923 تم ترجمتها الى العبرية في ما بعد بعناوين "الجدار الحديدي,وضرورة إقامة الجدار الحديدي".
إن متابعة جدار الفصل العنصري, جدار الضم والتهويد القائم حالياً, ودراسة أبعاده واهدافه وتأثيراته الاستراتيجية وما يشكله من معنى وتهويد بالفكر والوعي, كما في مشاريع الاستيطان والتهويد, يقتضي العودة الى جذور الفكرة او المشروع وكيف تطورت وأصبحت واقعاً قصرياً قائماً بكل أبعاده.