23. العدد الثالث والعشرون
Permanent URI for this collection
Browse
Browsing 23. العدد الثالث والعشرون by Author "قصي عباس"
Now showing 1 - 1 of 1
Results Per Page
Sort Options
- Itemدير مارمرقس في القدس(2024-07) قصي عباستتميّز البلدة القديمة عن مثيلاتها بصفات عدة، فهي تحتضن أماكن مقدسة للديانات التوحيدية الثلاث، إلا أنها كانت المسرح الأهم في حياة المسيح (عليه السلام)، ففيها قام بالمعجزات، وفيها كان يعلّم تلاميذه ويتجول معهم في طرقاتها، وفيها سار درب الآلام الذي يسلكه الحجاج المسيحيون وصولًا إلى كنيسة القيامة، وفيها أيضًا مسقط رأس والدته حسب التقليد المسيحي الشرقي. فالمواقع المسيحية المقدسة منتشرة في كل درب من دروبها، حيث إنّ المسيحية ولدت هنا، وقد اتفق المؤمنون على مختلف الأحداث المذكورة، ولكنهم اختلفوا أحيانًا حول مكان وقوع الحدث، وهذا الاختلاف وإن تظهر سلبيته في البداية، إلا أنه في الواقع، هو الذي أغنى المدينة الصغيرة، بتراثها الحضاري وزاد من مشهدها المعماري، وجعل تنوعها الثقافي ميزة لها. إن تحديد مواقع الأماكن المقدسة المسيحية ليس بالأمر السهل، فلم يتم دومًا تحديد المكان لحظة وقوع الحدث، ولكن من المؤكد أن كل مؤمن بأي موقع، لا يحتاج إلى كثير من الحجج لتحديد مواقع إيمانه وعقيدته، ولكن من المثير للاهتمام بما يخص مواقع القدس المسيحية، رغبة الكنائس المختلفة بعد الانقسامات التي شهدتها الكنيسة هي التي جعلت مختلف الكنائس تبدع في إيجاد أماكن مختلفة لموقع أحداث معينة حتى يصبح لديها أماكنها المقدسة الخاضعة لسيطرتها، ولا ننسى صراع القوى المحلية والوافدة خلال فترة الحكم العثماني الطويلة للمدينة وفي فلسطين وما حولها. أوجبت دراسة دير مارمرقس في القدس على الباحث محاولة فهم واستيعاب أهمية المكان الروحية والتاريخية والدينية حسب التقليد السرياني الأرثوذكسي، وتطلّب الاطلاع على مراجع سريانية أصيلة(لم يتم ذكرها جميعها في صفحة المراجع لكثرتها)، ولكن تلك المراجع على كثرتها، إلا أنها تكرر المعلومات المتعلّقة بالدير ولكن بصياغة مختلفة. ولتعويض ذلك ركَّز الباحث كثيرًا على جولاته الميدانية المتعددة، التي من خلالها تعرّف على المواقع عن قرب وتحدث مع الأصدقاء السريان بصراحة، فجميع الصور الموجودة في البحث، هي من تصوير الباحث خلال جولاته المتعددة في الموقع، وقد أثار دهشة الباحث مدى اهتمام الباحثين الأجانب والسريان(أمريكيين وأوروبيين) بالموقع، وذلك من خلال ما قاموا به من دراسات خاصة أو رسائل دراسات عليا. ومن المعروف أن دير مارمرقس هو مقر مطران الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في الأرض المقدسة والأردن، أي إنه حاليًّا يدير مصالح رعيته المنتشرة في ثلاث كيانات سياسية مختلفة، السريان في القدس الخاضعة لإجراءات الاحتلال وسياساته، وبيت لحم التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، والأردن، بمعنى أن هذه الأبرشية حتى عام (1967م) لم تكن مجزأة سياسيًّا، ولكن كل فئة منهم الآن تعيش تحت ظروف مختلفة كليًّا، وبالتالي اختلفت أيضًا التطلعات والرغبات، رغم استمرارية التواصل بينهما من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو جسديًّا في المناسبات الدينية المختلفة. يعود الوجود السرياني في القدس إلى القرن الأول الميلادي، إلا أن مجيئهم الحديث إلى فلسطين، كان عند نهاية الحكم العثماني ودخول الانتداب البريطاني الذي هيّأ الظروف للاستعمار الصهيوني الإحلالي، وبذلك عانى السريان مثل بقية السكان المحليين من النكبة ومن النكسة، وبذلك مرَّ سريان القدس، بذات الظروف التي تمر بها المدينة منذ مئة عام. يقع البحث في قسمين: الأول خاص بمراجعة أدبيات السريان حول الأهمية الدينية والتاريخية للمكان، وصولًا إلى محاولة وصف المكان كما نراه اليوم، أما القسم الثاني فتناول نبذة عن السريان عامة والسريان في فلسطين والقدس خاصة.