(مجلة دراسات الشريعة والقانون, 2016-11-30) عساف, محمد مطلق
يتناول هذا البحث دراسة الدافع للقتل في حالات التلبس بالزنا، وتمييزه عن القتل للدفاع الشرعي عن العرض في الفقه الإسلامي، ومقارنة ذلك مع قانون العقوبات المطبق في الضفة الغربية.
ويبين البحث معنى الدافع والدفاع، وتأثير كل منهما على تكوين الجريمة والعقاب عليها بشكل عام، فالدافع هو أمر نفسي يحرك الجاني ويدفعه لارتكاب المعاصي والمحرمات، وبذلك يتحقق العصيان في فعله، فلا يخرج الفعل من نطاق نص التجريم، أما الدفاع الشرعي الخاص فإنه يرفع عن الفعل صفة الجريمة، ولا يكون الفاعل مرتكبًا لعصيان؛ لأنه يقوم بفعل ضروري لحماية النفس أو العرض أو المال.
ولا يقوم الدفاع إلا بوجود اعتداء؛ فمثلًا إذا اعتدى فاسق على امرأة في عرضها، فإنه يُدفع عنها باعتباره صائلًا، أما إذا انتهى الاعتداء، أو إذا كان قد أتاها برضاها، فعندئذ لا يوجد صيال؛ وبالتالي من يقوم بقتلهما لا يكون في حالة دفاع، وإنما تسمى العلة التي تحمل الفاعل على الفعل هنا بالدافع.
وقد اختلف الفقهاء في تكييف الدافع للقتل في مثل هذه الحالات، فمنهم من كيّف ذلك بأنه من باب النهي عن المنكر، ومنهم من كيّفه بأنه من عذر الغَيْرَة التي صَيَّرَته كالمجنون، ومنهم من كيّفه بأنه من باب إهدار دم الزاني المحصن، وقد ترجح في البحث القول بعدم رفع القصاص عن القاتل إلا إذا أقام البينة على زنا المقتول، وكان الزاني المقتول محصنًا مهدر الدم؛ وذلك سدًا لذريعة سفك الدماء بغير حق.
أما قانون العقوبات المطبق في الضفة الغربية فيُعَدّ من التشريعات التي تعتد بدافع الشرف، وتُرتب عليه تخفيف العقاب عن الجاني، وقد أدى التوسع في استفادة الجناة من الأثر المترتب على دافع الشرف في جرائم القتل إلى المناداة بعدم الاعتداد بدافع الشرف، إلى أن صدر قرار بقانون عن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بإلغاء المادة (340) من قانون العقوبات المطبق في الضفة الغربية.
على أن هذا الاختلاف الذي حصل في تكييف الدافع لقتل المتلبسين بالزنا، سواء في الشريعة الإسلامية أو في القوانين الوضعية، لم يحصل في تكييف الدفاع الشرعي عن العرض؛ حيث تم الاتفاق على تكييف الدفاع عن العرض بأنه من باب التدابير التي أقرها الشرع والقانون لمنع وقوع جريمة تستهدف عرض الإنسان، أو لمنع استمرار تلك الجريمة؛ وبذلك تُسحب عن فعل المدافع الصفة الإجرامية ليصبح مباحًا بعد أن كان غير مشروع، فترفع المسؤولية عن المدافع، حتى ولو أدى دفاعه إلى قتل الصائل المعتدي.